للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخبرة بوجوه المصالح، فيعاملهم بما تقتضيه خطة الحزم، وما تمليه سماحة الأخلاق، وذهب من علماء السلف الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح إلى أن ولي الأمر يخير في الأسرى بين أن يطلقهم على وجه المن, أو يطلقهم بفداء، وتمسكوا في هذا بقوله تعالى:

{فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد: ٤].

وقع ثمامة بن أثال أسيراً في أيدي المسلمين، فجاؤوا به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "أحسنوا إساره"، وقال: "اجمعوا ما عندكم من طعام، فابعثوا به إليه"، وكانوا يقدمون إليه لبن لقحة (١) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غدواً ورواحاً، ودعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الإِسلام، فأبى، وقال له: إن ترد الفداء، فسل ما شئت من المال، فأطلق النبي - عليه الصلاة والسلام - سبيله من غير فداء، ثم دخل بعد هذا المن في الإِسلام.

ووقعت ابنة حاتم الطائي في أيدي المسلمين، وأنزلت بمكان يمر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتعرضت له، وقالت: هلك الوالد، وغاب الرافد -تعني أخاها عدياً-, فامنن عليَّ مَنَّ الله عليك! فقال: "قد فعلت، فلا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة حتى يبلغك إلى بلادك" وأقامت حتى قدم رهط من قومها، فكساها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحملها، وأعطاها نفقة، فخرجت معهم.

وأطلق - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة جماعة من قريش وقعوا في الأسر قبل دخوله مكة، فكانوا يدعون: الطلقاء.


(١) اللقحة: الناقة الحلوب.