الأشعار، ويُسأل أن يدخلها في كتابه في السيرة، فيفعل، فضمّن كتابه من الأشعار ما صار به فضيحة عند رواة الشعر، وأخطا في النسب الذي أورده في كتابه، وكان يحمل عن اليهود والنصارى، ويسميهم في كتبه: أهل العلم الأول، وأصحابُ الحديث يضعفونه، ويتهمونه".
فقد عرف علماء الأدب شأن ابن إسحاق، وبفضل ما لديهم من روية وأناة نظروا إلى قلة أمانته، أو تسرعه إلى حمل ما يؤتى به من الأشعار، وجعلوا نسبة ما يرويه من الشعر إلى شخص معين لاغية، ولم يتخذوه وسيلة إلى الطعن فيما يرويه غيره من الشعر، بل وجهوا إلى كل واحد من الرواة نظراً خاصاً، وتناولوا كل ما يرد عليهم من الشعر بنقد مستقل.
* القدماء ونقد الشعر:
قال المؤلف في (ص ٦٧): "وسنعرض بعد قليل لهذا النحو من البحث من شعر عاد وثمود، وغير عاد وثمود، ولكننا إنما ذكرناه الآن؛ لنبين كيف كان القدماء يتبينون كما نتبين، ويحسون كما نحس: أن هذا الشعر الذي يضاف إلى الجاهليين أكثره منحول، لأسباب منها السياسي، ومنها غير السياسي، كان القدماء يتبينون هذا، ولكن مناهجهم في النقد كانت أضعف من مناهجنا، فكانوا يبدؤون، ثم يقصرون عن الغاية".
يقول المؤلف هذا، وهو يحسب أن نظرية الشك في الشعر الجاهلي ستبقى معزوة إليه، وأن الناس لا يشعرون بما كتبه الباحثون من قبله، ولو نظر إلى صلته بهذا البحث نظراً عادلاً، لكبر في فمه أن يقول: "ولكن مناهجهم في النقد كانت أضعف من مناهجنا".
القدماء ألّفوا في نقد الشعر جملاً عامة؛ كما تال ابن سلام -بعد ذكر