ثم قال في (ص ٦٦): "ولكن ابن سلام لا يقف عند هذا الحد، بل هو ينقد ما كان يرويه ابن إسحاق وغيره من أصحاب السير في الشعر يضيفونه إلى عاد وثمود، ويؤكد أن هذا الشعر منحول مختلق. وأي دليل على ذلك أوضح من هذه النصوص القرآنية التي تثبت أن الله قد أباد عاداً وثمود، ولم يبق منهم باقية؟! ".
هذه شواهد يسوقها المؤلف على أن القدماء من علماء الأدب بذلوا مجهودهم في نقد الشعر الجاهلي، وأنهم ذهبوا في نقده مذاهب شتى، ألا ترى ابن سلام كيف جعل في الرواة مصححين، وهم الذين ينقدون ما يعزى إلى الشعراء من نظم، فيحفظون ما صحت نسبته إليهم، وينفضون أيديهم مما عداه؟ أو لا ترى الرواة كيف كشفوا عن حال ما يرويه ابن إسحاق، وأسقطوا جزءاً كبيراً من هذه الأشعار المنتحلة؟! قال ابن سلام:"وممن هجّن الشعر وأفسده، وحمل كل غثاء: محمد بن إسحاق مولى آل مخرمة ابن المطلب بن عبد مناف، وكان من علماء الناس بالسير، فنقل الناس عنه الأشعار، وكان يعتذر منها ويقول: لا علم لي بالشعر، إنما أوتى به، فأحمله، ولم يكن له ذلك عذراً، فكتب في السير من أشعار الرجال الذين لم يقولوا شعراً قط، وأشعار النساء فضلاً عن الرجال، ثم جاوز ذلك إلى عاد وثمود، أفلا يرجع إلى نفسه فيقول: من حمل هذا الشعر، ومن رواه منذ ألوف من السنين؟ والله يقول: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (٥٠) وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} [النجم: ٥٠ - ٥١].
وقال في عاد:{فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ}[الحاقة: ٨].
وقال ابن النديم في وصف ابن إسحاق أيضاً: "ويقال: كان يُعمل له