إذا تناولت في صدر كلمتي بعض آراء فلسفية قديمة، فلأنبّه على صلة الفلسفة العربية بالفلسفة اليونانية، ولنرى فلاسفة العرب كيف أخذوا في شرح السعادة بالتي هي أقوم وأهدى.
* الآراء الفلسفية اليونانية:
من يقاسي شدائد الفاقة والبؤس، يرى السعادة في الغنى، ومن تتقلب به الأوجاع يميناً وشمالاً، أو يفقد أحد أعضائه، يرى السعادة في صحة البدن، وسلامة الأعضاء، والمستضعف الذي تسلب حقوقه علانية، ولا يستطيع خلاصها، يرى السعادة أن يكون للإنسان سلطان، أو جاه عند ذي سلطان، ومن أشرب في قلبه الفسوق والخلاعة، يرى السعادة أن تحف به الشهوات من كل جانب، فيطلق فيها عنانه كيف يشاء، ومن وجد منفعته الخاصة في يد المستبد الغاشم، رأى السعادة في أن يبقى سلطان ذلك المستبد ويقوى.
هذه خواطر عامية لا تبلغ أن تسمى مذاهب في السعادة أوآراء، وإنما نحدثكم في هذا المقام عن المذاهب التي يقررها أصحابها بعد النظر والبحث. وسواء بعد هذا أوصلوا إلى حقيقة، أم وقعوا في خطأ وضلال؟!.
(١) محاضرة الإمام في نادي جمعية الشبان المسلمين بالقاهرة، في صفر سنة ١٣٤٧ هـ. وقد نشرت في رسالة صغيرة عام ١٣٤٨ هـ بالقاهرة.