خاطب قارئ كتابه يذكره بتلك العقبات التي أقامها في وجه من يعتقدون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان رسولاً، ومؤسساً لدولة سياسية، ويوحي إليه بأن هؤلاء القوم كلما حاولوا أن يقوموا من عثرة، لقيتهم عثرات، وزعم أنه لم يبق إلا مذهب واحد خالٍ من المشاكل، وهو القول بأن محمداً - صلى الله عليه وسلم - ما كان إلا رسولاً، وأنه لم يكن له مُلْك ولا حكومة، ولكن الرسالة لذاتها تستلزم للرسول نوعاً من الزعامة.
وبعد أن أطال الحديث عن هذه الزعامة وما لها من السلطان، قال: ولاية الرسول على قوله ولاية روحية، وولاية الحاكم ولاية مادية. وذهب إلى أن الإسلام إنما هو وحدة دينية، وأن من أراد أن يسمّي تلك الوحدة الدينية ملكاً، أو خلافة، فهو في حل من أن يفعل. وزعم أن ظواهر القرآن تؤيد القول بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له شأن في الملك السياسي، وساق على هذا بعض آيات تخيل أنها تسعده فيما يدّعي، وقال: إن هذه الآيات صريحة في أنه - عليه الصلاة والسلام - لم يكن من عمله شيء غير إبلاع الرسالة إلى الناس، وليس عليه أن يأخذهم بما جاءهم به، ولا أن يحملهم عليه، وادّعى أن الأمر في السنّة أصرح، والحجة فيها أقطع، واستشهد بحديثين