هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الخيار من مكة إلى المدينة، فظهرت بركة هذه الهجرة من المهاجرين أنفسهم، وفي البلاد التي هاجروا إليها، وفي انتشار الدين الذي هاجروا من أجل التمكن من الدعوة إليه.
أما أثر بركة الهجرة في المهاجرين أنفسهم، فلأنهم بعد أن كانوا يلاقون في مكة أذى كثيراً، أصبحوا في أمن وسلامة، ثم إن الهجرة ألبستهم ثوب عزة بعد أن كانوا مستضعفين، ورفعت منازلهم عند الله درجات، وجعلت لهم لسان صدق في الآخرين، وقد سمّى الله تعالى الصحابة الذين فرّوا بدينهم إلى المدينة بالمهاجرين، وصار هذا اللقب أشرف لقب يدعون به بعد الإيمان.
وأما أثر بركة الهجرة في البلاد التي هاجروا إليها، فإن فضل مكة كان معروفاً عند العرب من قبل بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وجاءها الفضل من جهة أن الله اختارها لأن يقام فيها بيته المحرم، وأمر رسوله إبراهيم - عليه السلام - ببناء ذلك البيت، ودعوة الناس إلى حجّه، والتقرب إلى الله بالطّواف به، وقد ازداد هذا الفضل بميلاد النبي - صلوات الله عليه - ونشأته فيها، ثم نزول
(١) مجلة "الهداية الإِسلامية" - الجزء السابع من المجلد السابع عشر الصادر في شهر المحرم ١٣٦٤ هـ.