للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن أبي سودة فإنه يكفيهم، فقال: إن وكيعاً رجل به كِبْر، يحتقر أعداءه، ومن كان هكذا، قلَّت مبالاته بعدوه، فلم يحترس منه، فيجد عدوه فيه غرة.

وقال بعض الحكماء: "الضعيف المحترس من العدو القوي، أقربُ إلى السلامة من القوي المغتر بالضعيف":

لا تحقرن صغيراً في مخاصمةٍ ... إن الذبابة أدمت مقلة الأسدِ

ومن أهم ما يتأكد الاحتراس منه: إذاعة الأخبار التي تبعث في النفوس ضعفاً، وفي العزائم وهناً، ولسد مثل هذا الباب من الفساد نزل قوله تعالى:

{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: ٨٣].

فالآية واردة في قوم كانوا يسمعون أراجيف المنافقين، فيذيعونها ويكون في إذاعتها ضرر على المسلمين، وقد أرشدتهم إلى أن يرجعوا تلك الأنباء إلى الرسول، وإلى أولي الأمر منهم؛ حتى يعرفوا ما يذاع، وما لا ينبغي أن يذاع.

* حكم الجاسوس في الإِسلام:

في التجسس على شؤون الحرب، والإفضاء بها إلى العدو، شرٌّ كبير، فربما كان سبب نكبة القوم وابتلائهم بالهزيمة، جاسوسٌ يدل القوم على عورة من عوراتهم، أو يطلعه على خطة مبيتة من خططهم، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قتل جاسوسا من المشركين، وأفتى طائفة من الأئمة؛ كمالك بن أنس - رحمه الله - بإباحة دم المسلم إذا نقل شيئاً من أسرار شؤون الحرب إلى العدو.

* الرفق بالجند ومعاملتهم بالعدل:

لو تتبعنا سير القواد الذين أبلى الجنود تحت رايتهم بلاءً حسناً، لوجدناهم