للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التمس لعلماء الإسلام جواباً آخر، وهو أن ما نسميه اليوم: أركان الحكومة، وأنظمة الدولة، إنما هي أوضاع مصنوعة، والحكومة النبوية حكومة الفطرة التي ترفض كل تكلف، ورده: بأن كثيراً مما استحدث في أنظمة الحكم ما ليس متكلفاً ولا مصنوعاً، وهو مع ذلك ضروري ونافع، ثم أغلق الباب بوعد أنه سيلتمس وجهاً آخر لحل ذلك الإشكال، وهو ما عرج عليه في الباب الثالث.

* النقض:

رفع المؤلف الحرج على الباحث في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هل كان ملكاً أم لا؟ ونفى أن يكون هذا البحث ذا خطر في الدين يخشى شره على إيمان الباحث، وأفتى بأنه لا يمس شيئاً من جوهر الدين، ولا أركان الإسلام.

ثم قال في (ص ٤٩): "وربما كان ذلك البحث جديداً في الإسلام، لم يتناوله المسلمون من قبل على وجه صريح، ولم يستقر للعلماء فيه رأي واضح، وإذا، فليس بدعاً في الدين، ولا شذوذاً عن مذاهب المسلمين، أن يذهب الباحث إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان رسولاً وملكاً، وليس بدعاً ولا شذوذاً أن يخالف في ذلك مخالف، فذلك بحث خارج عن دائرة العقائد الدينية التي تعارف العلماء بحثها، واستقر لهم فيها مذهب، وهو أدخل في باب البحث العلمي منه في باب الدين".

لو كان المؤلف يبحث بحكمة وإخلاص، لافتتح البحث ببيان ماذا يريد من الملك؟ وأخذ يفتح عين القارى" فيما تقتضيه الأدلة من ثبوت حقيقته في تصرف النبي - عليه السلام - أو عدم ثبوتها، ولكنه علم أن دخوله في الموضوع من طريق الصراحة يرفع الستار عن طويته، فيأخذ المسلمون منه حذرهم،