للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القلوب بوسائل التأثير والإقناع. وضرب مثلاً آخر لمظاهر الدولة، وهو جمع المال من مثل: الزكاة، والجزية، والغنائم، وقال: لا شك أن تدبير المال عمل ملكي، وأنه خارج عن وظيفة الرسالة من حيث هي، وعزّز مسألتي الجهاد وجمع المال بثالث، وهو ما روي من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجّه إمارة اليمن، وفرّقها بين رجاله، وقال: من نظر إلى ذلك من هذه الجهة، ساغ له القول بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان رسول الله تعالى، وكان ملكاً سياسياً. وتخلص من هنا إلى أن تأسيسه - صلى الله عليه وسلم - للمملكة الإسلامية خارج عن حدود رسالته، أم جزء مما بعثه الله به وأوحى به إليه؟.

وزعم أن القول بأن المملكة النبوية عمل منفصل عن الرسالة، وأنها من قبيل العمل الدنيوي الذي لا علاقة له بها، ليس بكفر، ولا إلحاد، وصرح بأن الرأي الذي تتلقاه نفوس المسلمين بالقبول، هو أن المملكة النبوية جزء من عمل الرسالة، وقال: إن هذا الرأي لا يمكن تعقله إلا إذا ثبت أن الرسول مبلِّغ ومنفذ معاً، وبعد أن نقل كلام ابن خلدون المتضمن: أن الإسلام يجمع بين الدعوة والتنفيذ، ادعى أنه لم ير لهذا القول دعامة، وأنه لا يلتئم مع ما تقضي به طبيعة الدعوة الدينية.

وخرج من هذا إلى مشكل آخر -فيما يزعم-, وهو: خلو الدولة السياسية النبوية من كثير من أركان الدولة ودعائم الحكم، ثم افترض جواباً، بل عذراً يقدمه إليه القائلون بأن من مقاصد الإسلام إقامة دولة، وهو أن للحكومة النبوية نظاماً بالغاً، وإحكاما سابغاً، ولكننا لم نصل إلى علم التفاصيل الحقيقية. ورده: بأن احتمال الجهل ببعض الحقائق لا يمنعه من الوثوق بما علم، واعتباره حقائق يبني عليها الأحكام، ويستخلص منها النتائج. ثم