حكى المؤلف الإجماع على نصب الخليفة بلفظ: زعموا، وتوخى في الحكاية عبارة العضد في "المواقف"، ثم أخذ يلمح إلى ما في حجية الإجماع من الاختلاف، وصرح بأن دعوى الإجماع في هذه القضية لا يجد لقبولها مساغاً على أي حال، ثم خيل إلى القارئ أن مناجزته لدعوى الإجماع تتوقف على تمهيد يكون كالطليعة تتقدم جيوش حججه الهاجمة، فطفق يلمز المسلمين بسوء الحظ في علم السياسة، وادعى أنهم وقفوا حيارى أمام ذلك العلم، ارتدوا دون مباحثه حسيرين، وسأل عن علة هذه الوقفة الحائرة والارتداد الحاسر، ثم انتصب ليجيب نفسه بلسانه، فزعم أن الخلافة في الإسلام لا ترتكز إلا على القوة الرهيبة، ولا ترتفع إلا على رؤوس البشر، وإن من الطبيعي في الأمم الإسلامية بوجه خاص أن لا يقوم فيهم ملك إلا بحكم الغلب والقهر.
وأخذ يسرد بعض وقائع تاريخية، وتخلص منها إلى ضغط الملوك على حرية العلم، واستبدادهم بمعاهد التعليم، وانتهى إلى أن هذا الضغط هو سبب قصور النهضة الإسلامية في فروع السياسة، ونكوص العلماء عن التعرض لها، ثم وثب من الحديث على أن الضغط الملوكي إلى الطعن في