إذا كان في الكذب على عامة الناس قبح شديد، وفساد كبير، فإن الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد قبحًا، وكبر فساداً؛ فإنه ينقص من حكمة الدين، أو يقلب بعض حقائقه، وشر القول ما يفسد على الناس أمر دينهم، ولدرء هذا الفساد على ساحة الشريعة، قال - صلى الله عليه وسلم -: "من كذب علي متعمدًا، فليتبوأ مقعده من النار"، وقد بلغ هذا الحديث من حيث معناه مبلغ التواتر، حتى قال السيوطي: روى هذا الحديث أكثر من مئة من الصحابة - رضي الله عنهم -.
وقد اختلف العلماء في حكم الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذهب الجمهور إلى أنه معصية كبرى، وذهب بعضهم - كأبي محمد الجويني والد إمام الحرمين- إلى أن من تعمد الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكفر كفراً يخرجه عن الملّة. والصواب ما ذهب إليه الجمهور.
ومع شدة هذا الوعيد قد دخل الوضع في الأحاديث لأغراض شتى.
وضع الزنادقة أحاديث تناقض المحسوس، أو تصادم القواعد العلمية الصحيحة؛ ليدخلوا الريبة في نفوس ضعفاء الأحلام؛ كحديث:"الباذنجان شفاء من كل داء" فقد ذكر مُلاّ علي قاري: أنه من وضع الزنادقة، ومن
(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الثاني من المجلد السادس، رجب ١٣٥٢ هـ.