الصريح من القول، لاتسع مجالها، وكبرت عن طوق العبارة الأولى.
* اتساع وضعها:
تنقسم اللغات إلى: راقية، وغير راقية، فغير الراقية: ما كانت موادها قليلة، لا يسع التعبير بها أكثر ما تمس الحاجة إليه؛ مثل: اللغات الزنجية، ولغة بعض سكان أستراليا، وهذه الأخيرة - على ما نقل بعض الكاتبين - ناقصة جداً بحيث لا يمكنهم التفاهم بها إلا مع إشارات حسية، والعمي عندهم، والمتخاطبون ليلاً بمنزلة من في آذانهم وقر، لا يكادون يفقهون حديثاً. والراقية: ما غزرت مبانيها، واتسعت طرق دلالتها، فكانت موفية بتأدية المراد مع الاستغناء عن الإشارة، وعدم الاعتماد على قرائن الأحوال في الأكثر؛ مثل: اللاتينية، والفارسية، والعربية.
تحتوي العربية على ما يقوم بسداد الحاجة من أبنية الكلم، بل على ما تدعو إليه زيادة التحسن والتحبير، فإنا نجد المعنى الواحد قد وضعت له ألفاظ متعددة؛ لتكثر وسائل التفاهم؛ حتى لا تأخذ المتكلم حبسة في أثناء الخطاب، فإذا غاب عنه لفظ، وسعه أن يأتي بمرادفه، وإذا تعسر عليه النطق بكلمة؛ كالألثغ، عدل عنها إلى غيرها؛ كما فعل واصل الغزالي حين كان لا يحسن النطق بحرف الراء، فتركه في زوايا الإهمال، ولولا المترادف، ما أمكنه أن ينبذ الراء من كلامه جملة.
وقد يضطره الحديث إلى إعادة المعنى، فلا يؤوده أن يعيده بغير اللفظ الذي عبر به أولاً؛ مثلما قال معاوية - رضي الله عنه -: من لم يكن من بني عبد المطلب جواداً، فهو دخيل، ومن لم يكن من بني الزبير شجاعاً، فهو لزيق، ومن لم يكن من ولد المغيرة تياهاً، فهو سنيد. فقال: دخيل، ثم قال: لزيق، ثم قال: