للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: ١٠].

* النهضة الأدبية العلمية في جمعية الهداية الإِسلامية (١):

أيها السادة! إذا نظرنا إلى الأزهر من ناحية العلوم الأدبية، وجدنا نصيبه من أكثرها فوق كل نصيب، فللأزهر تبريز في مثل: النحو والصرف، والمعاني والبيان، ولكنه منذ حين غير بعيد، قلّت عنايته بصناعتي الشعر والنثر، وأصبح مصلِّياً (٢) فيهما لا مجلِّياً (٣).

ولا نكتم أنفسنا أن في بيئات مصر غير الأزهر أنبتت في العهد الأخير كتّاباً وشعراء تجري أسماؤهم في الصحف والأندية أكثر من أسماء الكتّاب والشعراء الأزهريين، ولم يفت الأزهر أن يكون المجلّي في صناعتي الشعر والنثر؛ لتوقفهما على ذكاء حرم منه، أو اجتهاد يقصر عنه عزم طلابه، وإنما هو الإقبال على العلوم ذات المناهج الفسيحة، والمباحث العويصة، فأخذته بجلالتها عن أن يكون السابق في هاتين الصناعتين، مع علمه بلطف مسلكهما، ولذة مذاقهما، وحسن أثرهما في الإصلاح.

أقول هذا في غير أسف شديد؛ لأني أرى اليوم في شباب الأزهر من بنحو في التحرير نحو البراعة، وينسج في الشعر على مثال الإبداع، ويذهب في المحاضرات مذهب قوة الإقناع، وحسن التنسيق، فلا نلبث -إن شاء الله تعالى-


(١) مجلة "الهداية الإِسلامية" - الجزء الثالث من المجلد الرابع. كلمة الإِمام في حفل أقيم في نادي جمعية الهداية الإِسلامية لتكوين لجنة تعمل على ترقية ملكة الخطابة والمحاضرة والتحرير بأسلوب راق يلائم حال العصر.
(٢) ثاني خيول الحلبة.
(٣) أول خيول الحلبة.