فقد قضت هذه المجلة سنتها الثالثة مجدّة في القيام بقسط كبير مما أنشئت له جمعية الهداية الإِسلامية: تنقل إلى حضرات القراء ما يلقى في نادي الجمعية من خطب ومحاضرات، ثم ما تجود به قرائح أهل العلم والأدب في مصر وغيرها من البلاد، فكانت خير الوسائل لتعارف العلماء والأدباء في الشرق والغرب، وكانت -بحمد الله- من أبعد القسيِّ مرمى، وأمضاها في الذود عن حمى الشريعة سهماً، والفضل في هذا -بعد توفيق الله- عائد إلى حضرات أعضاء الجمعية، وأصدقائها الذين يمدونها بثمرات أفكارهم، وقوة إخلاصهم، ثم إلى حضرات قراء المجلة الذين طبعوا على كرم النفس، وقدروا الغاية التي تعمل لها الجمعية، وعرفوا أن العمل في سبيل الهمم النبيلة لا ينتظم إلا بالمال، فكانوا يسارعون إلى بذل قيمة الاشتراك بباعث من أنفسهم، شاعرين بأن اليسير إذا انضم إلى اليسير صار كثيراً.
قضت المجلة في جهادها ثلاثة أعوام صابرة مصابرة، وظهرت اليوم في مفتتح السنة الرابعة أمتن عزماً، وأوثق أملاً، يزيد عزمها متانة، وأملها وثوقاً: تلك المراحل التي قطعتها في نصرة الفضيلة، والذود عن الحقيقة؛ حتى شهدت ثمار سعيها يانعة على قدر ما أنفقت من مجهودها، ومن شواهد هذا: أن أعضاء الجمعية في نماء، وأصدقاءها في ازدياد، والرسائل العامرة بالعطف عليها ترد عليها في غير انقطاع.
والمجلة تقدم جزيل شكرها إلى كل من آزرها بعلمه، أو بأدبه، أو بذات يده، أو بكلمة طيبة يقصد بها تشجيعاً، أو التوسل إلى ما فيه نفعها، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى ما يرضى، ويكفينا بأس من لا ينهى النفس عن الهوى.