شريعة الإِسلام عامة، فلا يختص بها قبيل من البشر دون قبيل، ودائمة، فلا يختص بها جيل دون جيل، وأفعال البشر - على اختلاف أجناسهم، وتعاقب عصورهم - لا تنتهي إلى حد، ولا تدخل تحت حصر، ومن أجل هذا لم تنزل أحكامها في نسق واحد من التفصيل والبيان، بل أرشدت الشريعة إلى بعضها بدلائل خاصة، وقررت بقيتها في أصول كلية؛ ليستنبطها الذين أوتوا العلم عند الحاجة إليها.
يتمكن العالم من استنباط الأحكام بمعرفة أمرين:
أحدهما: الأدلة السمعية التي تنتزع منها القواعد والأحكام.
ثانيهما: وجود دلالة اللفظ المعتد بها في لسان العرب، واستعمال البلغاء.
ويرجع النظر في الأدلة السمعية إلى الكتاب والسنّة والإجماع، ويتصل بهذه الأدلة أصول اختلفت فيها أنظار الأئمة؛ كمذهب الصحابي، وعمل أهل المدينة، وشَرْع من قبلنا الذي لم يرد في شريعتنا ما ينسخه، فإن الأخذ بهذه الأصول يرجع إلى التمسك بدليل منقول لا يدخل فيه العقل إلا على وجه التفهم؛ كما يدخل في غيره من نصوص الكتاب والسنّة.
ويرجع النظر في وجوه الدلالات إلى: دلالة بالمنطوق، ودلالة بالمفهوم،