ومن متناول دلالة المعقول: ذلك الأصل الكبير الذي يسمونه: القياس، ويضارع القياس في هذه الدلالة أنواع جرى فيها الخلاف بين أهل العلم؛ مثل: الاستصحاب، والمصالح المرسلة، ومراعاة العرف، وسد الذرائع.
ثم إن الأدلة قد تتزاحم في نظر المجتهد، ويراها واردة على قضية واحدة، وكل منها يقتضي من الحكم غير ما يقتضيه الآخر، فيحتاج إلى أن ينقب عن الوجوه التي يترجح بها جانب أحدها, ليعتمد عليه في تقرير الحكم.
فدخل في الأركان التي يقوم عليها الاجتهاد: القدرة على الموازنة بين الأدلة، وترجيح أقواها على ما هو دونه عند تعارضها، فمن كان على بصيرة من الأدلة السمعية، ووجوه دلالتها، وطرق الترجيح بين الأدلة عند تعارضها، فقد قبض على زمام الاستنباط، واستعد لأن يجلس على منصة الاجتهاد.
فالاجتهاد: بَذْلُ الفقيه الوِسْعَ لاستخراج الأحكام العملية من أدلتها التفصيلية.
* شرائط الاجتهاد:
قلنا: إن الاجتهاد يدور على معرفة الأدلة السمعية، ووجوه دلالتها، وطرق الترجيح عند تعارضها.
أما معرفة الأدلة السمعية، فتتحقق بمعرفة الكتاب والسنة، والأحكام المشتركة بينهما؛ كالعلم بالناسخ والمنسوخ، والأحكام الخاصة بالكتاب؛ كالعلم بوجوه القراءات، والأحكام الخاصة بالسنة؛ كالعلم بأصول الحديث،