وأما معرفة وجوه الدلالات، فتتحقق بالفرق بين المنطوق والمفهوم، والمجمَل والمبيَّن، والنص والظاهر، والعام والخاص، والمطلق والمقيد، والحقيقة والمجاز، والمحكم والمتشابه، والصريح والكناية، والمعاني التي يدل عليها الكلام بنفسه، والمعاني التي يراعيها البلغاء ويسميها علماء البيان بمستتبعات التراكيب.
فمن شروط الاجتهاد: العلم باللغة والنحو والمعاني والبيان، ومجمل القول: أن يكون عارفاً باللسان العربي، ووجوه تصرفات ألفاظه ومعانيه معرفة ترفعه بين علماء اللغة وبلغائها مكاناً عالياً.
أما طرق الترجيح، فمنها ما يعرف بالنظر في علوم الشريعة؛ كتقديم ما يتلى في الكتاب الكريم على ما يروى على أنه حديث، ومنها ما يعرف بالبحث عن حال الرواة؛ كتقديم ما يرويه البخاري على ما يرويه غيره، ومنها ما يعرف بالنظر في علوم اللغة، كتقديم النص على الظاهر، والمنطوق على المفهوم.
* الكتاب:
ذكرنا في شروط الاجتهاد: العلم بالقرآن الكريم، ولا سيما آيات الأحكام التي قدّرها الغزالي وابن العربي بخمس مئة آية، واقتصرا في تقديرها على هذا العدد؛ لأنهم رأوا مقاتل بن سليمان، وهو أول من أفرد آيات الأحكام في تصنيف، قد جعلها خمس مئة آية، وقد نازعهم ابن دقيق العيد في هذا التقرير، وقال: مقدارآيات الأحكام لا ينحصر في هذا العدد، بل هو يختلف باختلاف القرائح والأذهان، وما يفتحه الله من وجوه الاستنباط. والراسخ في