الإسلام دين يدعو إلى أقوم محجَّة، ويرمي إلى أشرف غاية، وما دعوته إلا هداية الناس إلى سبيل الحق، وتنبيهم إلى مكان الفضيلة، وما غايته إلا أن يحيا الناس حياة طيبة، ويتمتعوا بمدنية فاضلة، ثم يفوزوا في الأخرى بسعادة خالدة.
وللحق نور باهر، وللفضيلة جمال ساحر، ولكن النفوس الناشئة في بيئات خاسرة، أو الغارقة في أهواء سافلة، يقف أمامها الحق، فتخاله باطلاً، وتتعرض لها الفضيلة، فتحسبها شيئاً منكراً، فلا يكفي في دعوة الحق أن يطرق الداعي بها المجالس، ويصدع بكلمة الحق والفضيلة من غير أن يشد أزرها بالحجة، ويتخير لها الأسلوب الذي يجعلها مالوفة للعقول، خفيفة الوقع على الأسماع.
وفي القرآن الكريم ما يدلكم على أن الدعوة الصادقة يثبت أصلها، وتمتد فروعها، وتؤتي ثمرها، إلا أن يقوم بناؤها على أساس الحجة، ويذهب بها الداعي كل مذهب حكيم، ويأخذ فيها بكل أدب جميل، اقرؤوا في شواهد
(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزآن التاسع والعاشر من المجلد السادس الصادران في ربيع الأول وربيع الثاني ١٣٥٣. محاضرة الإمام في الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف في دار جمعية الهداية الإسلامية مساء يوم الأحد ١٢ ربيع الأول سنة ١٣٥٣.