على عبد الملك كانت في سنة ٨١ هـ، وثلاثون سنة تمر على الواقعة شأنها أن تخفف من تغيظ النفس لها إلى حد ألا يبقى فيها من أثر الغيظ ما يدفع إلى اقتحام الأهوال، والخطار بالحياة في فتنة عمياء.
ويبدو لك بعد هذا: أن ابن الأشعث إنما طلب الملك بالجيش الذي كان تحت قيادته، ولم يستعن عليه بملِك كما يزعم المؤلف، والذي وقع في (رتبيل) أنه استقبله بعد عودته في هزيمة ويأس من الملك الذي طمع فيه، ولم يرج منه ابن الأشعث أكثر من أن يحميه ويؤامنه من سطوة الحجّاج.
* شعر امرئ القيس:
تحدث المؤلف بأن شعر امرئ القيس ينقسم إلى قسمين: أحدهما يتصل بهذه القصة، فشأنه شأنها في الانتحال، وأنه شعر إسلامي لا جاهلي، ثانيهما لا يتصل بهذه القصة، وإنما يتناول فنوناً من القول مستقلة من الأهواء السياسية والحزبية.
ثم قال في (ص ١٣٨): "فامرؤ القيس هو الملك الضلِّيل حقاً، نريد: أنه الملك الذي لا يعرف عنه شيء يمكن الاطمئنان إليه. هو ضلُّ بن ضلٍّ كما يقول أصحاب المعاجم اللغوية". وبعد أن عقد مشابهة بينه وبين (هوميروس) الشاعر اليوناني، قال في (ص ١٣٩): "ونحن نذهب هذا المذهب نفسه في تفسير هذه الأخبار والأشعار التي تمس تنقل امرئ القيس في قبائل العرب، فهي محدثة انتحلت حين تنافست القبائل العربية في الإسلام، وحين أرادت كل قبيلة وكل حي أن تزعم لنفسها من الشرف والفضل أعظم حظ ممكن".
لعلك عرفت أن ما يزعم المؤلف من أن قصة امرئ القيس رمز إلى