للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بني ساعدة طرحوا مسألة الخلافة على بساط الشورى، فاختلف المؤتمرون: أين تكون الخلافة؟ ولمن تكون؟ واشتدت رغبة سعد بن عبادة في أن يتقلد الإمارة على الأنصار، ولما احتدم الجدال، بسط عمر بن الخطاب يده، وبايع أبا بكر، فتتابع الحاضرون من المهاجرين والأنصار على مبايعته، ولم يتخلف عنها سوى سعد بن عبادة، ثم عقد اجتماع عام في المسجد، فتوارد الناس على مبايعته، وتوانى عنها علي بن أبي طالب حينًا، ثم أقبل وبايع ووفَّى.

والرواية تصرح بن الأوس جنحوا إلى ولاية أبي بكر، وتتابعُ الخزرج على مبايعته دليل على أنهم لا يجدون في صدصورهم حرجاً من خلافته، ويروى أن أول من قام من الأنصار وبايع أبا بكر خزرجي يقال له: بشير بن سعد، وهو أبو النعمان بن بشير. فالظاهر أن عمر لم يمد يده إلى المبايعة إلا بعد أن تراءى له أن أكثر الآراء متوجهة إلى اختيار أبي بكر، وسمى مبايعته: فلتة؛ لأنه بادر إليها قبل أن تخرج تلك الآراء في صراحة على ما هو المعهود في نظام الشورى، وعذره في هذه المبادرة: أن بعض الأنصار أسرف في الجدل، وهمّ بما لا تحمد عقباه.

فخلافة أبي بكر لم تعقد بمبايعة عمر، بل تقررت بآراء الأغلبية الساحقة، ولم تقع تحت تأثير جند يتحفز، أو سلاح يشهر، أو مال يبذل، وإذا فرض أن في المهاجرين أو الأنصار من بايعوا متابعة للكثرة السائدة، أو حذراً من سخطها، فمثل هذا لا يخرج خلافة أبي بكر عن أن تكون قائمة على رضا الأمة.

* مقتل سعد بن عبادة الأنصاري:

قال المؤلف في (ص ٥٢): "وظهر أن الأمر قد استقر بين الفريقين،