أقلعت الباخرة إلى "مرسيليا"، فوصلتها صباح يوم الأحد، فتبوأنا بها منزلاً، ثم تجولنا بمناهجها الفسيحة ما بين مبانيها الشاهقة، وامتطينا عربة كهربائية سارت بنا في بعض أطراف المدينة ودواخلها مقدار ساعة، وشهدنا في هذه المدينة حركة منتشرة، وعملاً متواصلاً.
* العودة إلى تونس:
ركبنا الباخرة قرطاج، وعندما أتينا على سمت بلد المرسى، وانكشف من مبانيها وبساتينها ما عظم بتشوقي إلى طلعة صاحيي الشيخ سيدي محمد الطاهر بن عاشور، وتضاعف عندي تذكار عهده الوثيق، أنشأت مناجياً لفضيلته:
قلبي يحييك إذ هبت سفينتنا ... تجاه مطلعك المحروس يا علمُ
تحية أبرق الشوق الشديد بها ... في سلك ودّ بأقصى الروح ينتظمُ
انسحبت الباخرة إلى حلق الوادي، وبعد مجاوزتها إلى الرصيف، وأخذِها في التأهب لإلقاء مراسيها، أنشأت بيتين خاتماً بهما المطاف، وهما:
أرى سفري شعراً ولكن بيوته ... مفصلة في غير بحر وفي بحر
ومقطع عودي من بدائعه ألا ... ترى عجزاً قد رد فيه على صدري