وكان بعض التلامذة حين شرعت في إقراء الدرس قائمين على أقدامهم من ورائي يوردون أسئلة، ويطالبون إعادة بعض التقارير، وما لبثوا أن انقلبوا إلى السكينة والإصغاء، وكانوا يلهجون عند الاستحسان بكلمة:"كويس" تصغير كيّس.
* الاجتماع بأهل العلم والفضل:
رافقني بعد انفصالنا عن الدرس طائفة من التلامذة، فمررنا بمنزل كان أحد الجلساء به الأستاذ الشيخ الزنتاني، فوقف موقف التحية، وحدثه أحد الرفقاء بما كنا بصدده من قراءة التفسير، فتوجه لي وقال: قد أحييت سنّة الشيخ ابن عرفة، فذكر له الرفيق: أن الدرس أيضاً يحتوي على مباحث متعددة منقولة عن الشيخ ابن عرفة.
تفضل عليّ بالزيارة في هذا المساء السيد شرف أحد الأعيان في عائلة أشراف مكة المحترمة، فمثّل لنا بعلو همته، وسلاسة أخلاقه كيف تكون همم بني هاشم وآدابهم، ثم أخذ بيدي حتى امتطينا عربة سارت بنا لإجابة دعوة السيد الشريف بن حمودة، ولما انقضت المسافة، ضرب كل منا بيده إلى كيسه ليتولى خلاص أجر الركوب عن سائر الجماعة، فكانت يد السيد شرف أسرع في فتح الكيس ومناولة الدراهم لسائق العربة، وأكد علينا أن نرد إلى الأكياس بضائعها، فقال له الشيخ محمد الصالح الشواشي على وجه الدعابة: لا تقسم علينا أيها الشريف متطاولاً، فنحن أشراف أيضاً، فتبسم منبسطاً لهذه الجسارة المشعرة بسلامة الضمير وحريته.
وقد تذكرت بهذه المداعبة ما كتبه الشريف الرضي إلى الإمام القادر بالله، وهو: