من زعماء الإصلاح الاجتماعي في العصر الحاضر: الشيخ الخضر بن الحسين، الذي جاهد الباطل والمحسوبية، وكافح الجهل والأنانية، وتصدى لرد الظلم ودحضه أينما حلَّ وارتحل، فكان من الموفقين. تستحق حياته المملوءة بالعمل الصالح التسجيل، وذلك يستدعي ويستلزم كتاباً، ولا يكفي لاحتوائه فصل في جريدة، ولكن طلب صاحب "العزة" الفاضل لنشر حياة هذا الرجل الكامل في ميدان الكفاح الإسلامي في جريدته، جعلني أضطر إلى استعراض ما لدي من المعلومات عن حياته وأعماله، حتى يكون في ذلك موعظة ودرساً للشباب المتحفز للنسج على منواله.
* مولده ونشأته:
ولد الشيخ الخضر بمدينة "نفطة" الواقعة في أقصى نقطة من الجنوب الغربي من المملكة التونسية في ٢٦ رجب ١٢٩٣ هـ من أبوين كريمين، فوالده من قادة رجال التصوف الإسلامي في القرن الماضي، وأمه هي ابنة العالم التونسي الشهير والصوفي المعروف الشيخ مصطفى بن عزّوز دفين بلدة "نفطة"، والذي لعب دوراً كبيراً في سياسة الدولة التونسية في أواسط القرن الماضي، عندما اشتدت وطأة ظلم الولاة وبغي العتاة، فكان الملجأ لمن حاق بهم مكرهم، ومجيرهم عند ذوي السلطة والنفوذ.