الباطلة، فإنما هو الطعن بمكيدة، والله لا يهدي كيد الخائنين.
ولا بأس بأن يكون القرآن موافقاً للتوراة والإنجيل في بعض الشراع أو الأنباء، بل تكون هذه الموافقة حجّة على صدق الدعوة، وعلى أن هذه الأحكام أو القصص من بقايا الوحي الذي نزل على موسى وعيسى - عليهما السلام -، وإنما يخل بصحة الكتاب أن يشرع أحكاماً وسنناً لا ترضى العقول الراجحة عن حكمتها، أو يأتي بقصة تردها الطرق العلمية من حس أو عقل، أو رواية قاطعة، والقرآن بريء من مخالفة الطرق العلمية، ومن كل وجه يخلّ بالحكمة، إلا في نظر من يرى أن السعادة في الخلاعة، وأن راحة الضمائر في الجحود بمبدع الخليقة.
* قصة النهي عن رواية شعر أمية بن أبي الصلت:
ذكر المؤلف: أنه يقف من شعر أمية وقفته من شعر الجاهليين جميعاً، وأنه يشك في صحة شعره؛ كما شك في صحة شعر امرئ القيس، والأعشى، وزهير، ولم يكن لهم من النبي موقف أمية.
ثم قال في (صحيفة ٨٤): "ثم إن هذا الموقف يحفلني على أن أرتاب في شعر أمية بن أبي الصلت؛ فقد وقف أمية من النبي موقف الخصومة، هجا أصحابه، وأيد مخالفيه، ورثى أهل بدر من المشركين. وإن كان هذا وحده يكفي لينهى عن رواية شعره، وليضيع هذا الشعر كما ضاعت الكثرة المطلقة من الشعر الوثني الذي هُجي فيه النبي وأصحابه".
لا يكتفي المؤلف بالبحث عن الروايات الشاذة والموضوعة، فيحشرها في هذا الكتاب، حتى يضيف إليها استنباطات لا تجيء من ناحية التعقل، ولا يكتفي بهذه الاستنباطات حتى يضع بجانبها روايات لم تشتمل عليها