للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض الحكماء ابنه، فقال: "يا بني! إذا دخلت المصر، فاستكثر من الصديق، أما العدو، فلا يهمنَّك".

وقال بعض الأدباء:

ولن تنفك تُحسد أو تعادى ... فأكثرْ ما استطعت من الصديقِ

ومبنى هذه النصيحة على أن شأن حساد الرجل وأعدائه: تدبير الوسائل للكيد له، وطَرْقُ كل باب يحتمل أن يكون من ورائه ما يشفي صدورهم، فإذا ساعده القدر على أن يكثر من الأصدقاء، فقد أكثر من الألسنة التي تدحض ما يُرمى به من المزاعم، والأيدي التي تساعده على السلامة من الأذى.

* علامة الصداقة الفاضلة:

ليس من علامة الصداقة الفاضلة أن يقوم لك الرجل مبتدراً، أو يلاقيك باسماً، أو يثني عليك في وجهك مسهباً ومكرراً، فذلك شيء يفعله كثير من الناس مع من يحملون له أشد العداوة والبغضاء، وأصبح كثير منهم يعدونه من الكياسة، ويخادعون به من إذا أسمعوه مدحاً، فكأنما سقوه خمراً، وربما استثقلوا من لم يسلك هذه الشعبة من النفاق، ونسبوه إلى جفاء الطبع، وقلة التدرب على الآداب الجارية في هذا العصر.

وقد ذكر الأدباء للصداقة الخالصة علامات:

منها: أن يدفع عنك وأنت غائب عنه، قال العتابي:

وليس أخي من ودّني رأي عينه ... ولكن أخي من صدَّقته المغائبُ

ومنها: أن تكون مودته في حال استغنائك عنه، واحتياجك إليه سواء، قال الأحنف بن قيس: "خير الإخوان من إن استغنيت عنه، لم يزدك في المودة، وإن احتجت إليه، لم ينقصك منها".