المسائل العلمية من قبيل الطاعات الملائمة لمقصد الاعتكاف، وكان هذا الجامع -كما قال ابن خلكان- خاناً يعرف بابن الزنجاري، وقد جمع أسباب الملاذّ، ويجري فيه الفسوق والفجور، فقالوا للملك الأشرف: إن مثل هذا لا يليق أن يكون في بلاد المسلمين، فهدمه، وعمره مسجداً جامعاً، وسمّاه الناس: جامع التوبة؛ كأنه تاب مما كان فيه.
ومن المسائل التي تعرض لها صاحب الختم: حكم القيام للوارد على المجلس؛ لأنه عادة يبالغ أهل المشرق في الاحتفاظ بها إلى أن يعيدوا القيام للرجل الواحد في المجلس الواحد ما تكرر دخوله، وقرر ما بسطه القرافي في "فروقه"، وانفصل على أن القيام قد يتعين إذا أدى تركه إلى انكسار خاطر، وانصداع شمل ألفة. وأنا أعهد لأبي بكر بن العربي في كتاب "الأحكام" تفصيلاً آخر؛ فإنه بعد أن ساق الأحاديث الواقعة في هذا الغرض، قال: وهذا راجع إلى حال الرجل ونيته، فإن انتظر ذلك، واعتقده لنفسه، منع، وإن كان على طريق البشاشة والوصلة، فإنه جائز، وخاصة عند الأسباب؛ كالقدوم من السفر ونحوه.
* ليلة العيد:
كنت جالساً ليلة العيد بالمنزل يسامرني وإخوتي بعض الفضلاء، فذكر أحدهم قول الخطباء في العيد:"ليس العيد لمن لبس الجديد، وإنما العيد لمن خاف يومَ الوعيد"، فنظمت لهم في هذا الغرض بيتين، وحشروهما في زمرة محفوظاتهم، وهما:
ما العيد للشعب في تنميق أثواب ... ولا ملاقاة إخوان وأصحابِ
وإنما العيد أن تحيا بصائرهم ... بنور هدي وعرفان وآداب