بحثنا عن هذا الكتاب في كثير من المكاتب لنطلع على ما انفرد به العلامة الإنكليزي في تحرير حكم الخلافة، فلم نهتد السبيل لإحراز نسخة منه. وما سلوناه إلا حين ذكرنا أن المؤلف قد أحاط بذينك البابين خُبراً، وعرفنا من نظره إلى الخلافة بعين عابسة: أنه لا يجد فيهما ما يشد عضده على تقويض صرحها، إلا وينقله دون أن يكتفي بالإحالة.
ولو أحالنا المؤلف على كتاب السير أرنولد في بحث تاريخي، أو اجتماعي له مساس بالخلافة، لأخذ منا الأسف على أن فاتنا الاطلاع عليه ماخذاً بليغاً، ولكنه أحالنا على كتاب السير أرنولد في تحقيق حكم شرعي، فقلنا: لعله أراد الجد بشيء من الهزل، أو إخراج أحكام الشريعة من دائرة الراسخين في علومها.
يجب أن تكون قيمة الأحكام الشرعية في نظر المؤلف فوق هذا التقدير، وما ينبغي له أن يخيل إلينا أنا في حاجة إلى الاقتداء بعقول الغربيين حتى في أمور الدين من واجب وحرام. وإذا كان المؤلف يدري أن للشريعة أصولاً ومقاصد لم يدرسهما السير أرنولد حق دراستهما، فإن إحالتنا على كتابه ليست سوى عثرة في سبيل البحث تعترض السذَّج من الأحداث، فتكبو بهم في تردد وارتياب.
* معنى {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعام: ٣٨]:
قال المؤلف في (ص ١٦): "إنه لعجيب أن تأخذ بيدك كتاب الله الكريم، وتراجع النظر فيما بين فاتحته وسورة الناس، فترى فيه تصريف كل مثل، وتفصيل كل شيء من أمر هذا الدين {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} , ثم