عندما أخذت طريقي لزيارة شيخ الأزهر الجديد -فضيلة الشيخ محمد الخضر حسين-، ووصلت إلى حجرة مكتبه في داره، كان الشيخ الجليل قد انتهى من أداء فريضة الظهر، إلا أنه بقي جالساً على سجادة الصلاة، يقرأ في كتاب "دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة" وهنا سألت الأستاذ الأكبر: هل اعتاد القراءة عقب الصلاة؟ أجاب: إنني أقرأ يا بني في كل وقت، وأعيد ما أقرأ؛ لأنني أجد لذة وطلاوة في الإعادة. تماماً كما تسمع أنت قطعة موسيقية جديدة، فلا تتذوقها إلا بعد أن تستعيد سماعها مرات ومرات.
* القراءة رياضة:
ولما طلبت من الشيخ الوقور أن يحدثنا عن نوع الكتب التي يفضلها، أجاب بأنه يحب كتب الأدب القديمة والحديثة، ويعتبر كتاب ابن القيم، في الرد على المنطقيين أحسن كتب المنطق على الإطلاق، وعندما جاء ذكر بعض الكتب الحديثة، ابتسم في طيبة وهو يقول: هذه يُسأل عنها الشباب مثلكم .. ثم أطال الشيخ النظر إلى الكتاب الذي في يده ذاكراً أنه يعتبر القراءة رياضة فكرية لازمة، لا مجرد هواية، وهو يقرن هذه الرياضة الفكرية برياضة أخرى بدنية يمارسها، وهي المشي لمسافات طويلة.
(١) مجلة "المصور" العدد ١٤٥٩ تاريخ ٢٦ - ٩ - ١٩٥٢ م - القاهرة.