الشيخ سيدي إسماعيل، صحبةَ خالنا الشيخ، ومما جرى في المجلس ذكر الخضر - عليه السلام -، فنقل حضرة الشيخ سيدي محمد المكي بن عزوز عن الإمام النووي: أن أكثر العلماء والمحدثين يقولون: إنه حي، فقلت: لعل مستندهم في هذا الطريق غيبي؛ لأني أعهد للحافظ السيوطي فيما نقل: أنه سئل البخاري عن الخضر: هل هو حي؟، فقال: كيف يكون ذلك، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أرأيتم ليلتكم هذه" إلخ الحديث، فقال: بل من طريق النقل، وروى أثراً عن سيدنا عمر بن عبد العزيز في ذلك.
وجرّت المناسبة خالنا الأستاذ إلى أن قال: يعجبني من إنصاف الشيخ ابن حجر: أنه يقول في شرح كثير من الأحاديث الصريحة في الحكم بخلاف مذهبه، وهذا ومن هنا انفتحت المحاضرة في الاجتهاد والتقليد، ولفضيلة الأستاذ الشيخ سيدي محمد المكي بن عزوز تآليف في مواضيع متعددة أطلعني على بعضها، ومن أنفسها:"رسالة في العمل بالحديث"، وأنه حجة في تقرير الأحكام.
* مغادرة الآستانة:
بارحت الآستانة يوم السبت ٦ ذي الحجة، وامتطيت باخرة فرنسوية إلى بلد "مرسيليا"، وصاحبنا في السفر الشيخ السيد عز الدين أحد علماء طرابلس، وكان قد استولى القضاء في بعض نواحيها، وله كلف بالشعر الرقيق، واقتبس في محفوظاته قسطاً وافراً منه، وأنشدني جملة من أشعار تونسية أخذها عن الشيخ محمد الحشائشي التونسي -رحمه الله-.
ولما لقيت الرجل على جانب من الأدب، كنت أغتنم الفرصة لمطارحته بإنشاد الشعر أو إنشائه، وكان يحافظ على ما نطارحه، بل ويقيده في ورقة.