إذا أراد الله بطبقة من أهل هذه الملة الإسلامية خيراً، هيأ لمستقبلهم القريب الحكم الصالح، ويسر لهم الإمام الذي انطوت سيرته النقية الطاهرة في جميع أدوارها على ما تستقيم لهم به القدوة، وتحسن به الأسوة، وتشيع به عدوى الإخلاص لله -عَزَّ وَجَلَّ- في السر والعلن والقول والعمل.
وأحسب أن طلبة الأزهر الشريف لهذا العهد سيكون منهم لهذه الملة في مستقبلها القريب الخير الكثير، ولذلك كان من حظهم أن قيَّض الله لهم الحكومة التي تتحرَّى للولاية أكفاءها، كما قيض لهم القدوة والأسوة في سيرة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر مدَّ الله في عمره وأدام النفع به.
إنهم الآن ليسوا أمام مركز رسمي تولاه كفؤه بالعلم والصلاح فحسب، بل هم أمام مَثلٍ أعلى للمسلم الكامل الذي ابتدأ حياته بنية الكفاح عن الإسلام وأهله، والاضطلاع برسالته، وتحمُّل أماناته كاملة وافية. و (النية) هي الإبرة المغناطيسية التي يتوجه بها المسلم إلى هدفه من الحياة. ولذلك قال معلم الناس الخير صلوات الله وسلامه عليهه "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"، والحياة وتصرفات المرء باتجاهاته في جميع أدوارها هي جماع
(١) مجلة "الأزهر" - الجزء الثاني من المجلد الرابع والعشرين.- صفر ١٣٧٢ اكتوبر، تشرين الأول ١٩٥٢.