للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحقوق الجار ترجع إلى أربعة أصول، هي: أن لا يلحق الرجل بجاره أذى، وأن يحميه ممن يريده بسوء، وأن يعامله بإحسان، وأن يقابل جفاءه بالحلم، ويشمل هفواته بالصفح والمغفرة.

* كف الأذى عن الجار:

نبهت في المحاضرة عن بعض الوجوه التي يؤذي بها الرجل جاره، ومنها: التعرض لحرم الجار بقصد سيئ، ثم قلت: ويروى أن عبد الملك ابن مروان قال لمؤدب ولده: إذا روَّيتهم شعراً، فلا تروِّهم إلا مثلَ قول العجير السلولي:

يبين الجار حين يبين عني ... ولم تأنس إلي كلاب جاري

وتظعن جارتي من جنب بيتي ... ولم تستر بستر من جدار

وتأمن أن أطالع حين آتي ... عليها وهي واضعة الخمار

كذلك هدي آبائي قديماً ... توارثه النِّجار عن النِّجار

ويؤذي الرجل جاره بأن ينظر إليه بعين الاحتقار، مثلما يفعل بعض من لم يتربوا تربية فاضلة، إذ يزرون جارهم الفقير، قال حسان بن ثابت:

فما أحد منا بمهدٍ لجاره ... أذاةً ولامزرٍ به وهو عائد

لأنا نرى حق الجوار أمانة ... ويحفظه منا الكريم المعاهد

* حماية الجار:

كف الأذى عن الجار أثر من آثار طهارة النفس، ومما ينبه لشرف همة الرجل: نهوضه لإنقاذ جاره من بلاء يناله به غيره، وكانت حماية الجار من أشهر مفاخر العرب التي ملأت أشعارهم، قال حسان بن ثابت: