للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشعر - حقيقته - وسائل البراعة فيه الارتياح له - تحلي العلماء به - التجديد فيه (١)

الكلام إما نثر، وهو ما يلقى من غير قصد إلى تقييده بوزن، ولا يلزم بناؤه على حرف معين تنتهي به جمله، وأما منظوم، وهو الكلام الذي يصاغ في أوزان خاصة، وتُبنى قطعه على حرف خاص يختاره الناظم، ويلتزمه في آخر كل قطعة منه، وهذا هو فن الشعر.

ورأى بعض الأدباء: أن من المنظوم ما لا يختلف عن الكلام العادي إلا بهيئة الوزن، والتزام القافية، فلا يحسن أن تجعل ميزة الشعر شيئاً يعود إلى مقدار الحروف وأشكالها، والتزام حرف منها في آخر كل قطعة منه، دون أن تكون له خاصة تميزه عن غيره من جهة المعنى، فزادوا في بيانه قولهم: من شأنه أن يحبّب إلى النفوس ما قصد تحبيبه إليها، ويكرّه إليها ما قصد تكريهه إليها، وتحبيبه الأشياء أو تكريهها بوسيلة ما يشتمل عليه من حسن التخييل.

فالكلام الموزون المقفى الذي يحبّب إلى النفوس شيئاً، أو يكرهه إليها، بوسيلة الحجة التي يصوغها العقل، وتجري عليها قوانين المنطق، لا يسمى شعراً على وجه الحقيقة؛ لأنه خال من روح الشعر الذي هو حسن التخييل.


(١) مجلة "نور الإسلام" - العدد التاسع من المجلد الثالث الصادر في شهر رمضان ١٣٥١ هـ - القاهرة.