وإذا غضب الرجل من الضيم غضبة ملتهبة، بذل وسعه في التخلص منه، أو في التوقّي منه قبل وقوعه، فمن لم يغضب لوقوع الضيم، أو لم يبذل وسعه في التخلص أو الحذر منه، فهو محروم من هذا الخلق المجيد.
ولهذا الخلق صلة محكمة بخلقين عظيمين: عزّة النفس، والبطولة، فمن لم يكن عزيز النفس، لم يتألم من أن يضام، ومن لم يكن بطلاً، احتمل الضيم رهبة أو حرصاً على الحياة.
ومن طالع تاريخ العرب في عهد جاهليتهم، عرف أنهم كانوا يأبون الضيم في حماسة وصلابة، ويعدّونه في أول ما يفتخرون به من مكارم الأخلاق، وقد أخذ هذا الخلق في أشعارهم ومفاخراتهم مكاناً واسعاً، فنبهوا على أن
(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الثاني من المجلد الثاني والعشرين الصادر في شهر صفر ١٣٦٩ هـ.