وإذا قالوا: إن الحكم في الواقعة جزئي لا يتعدى إلى أمثالها من الوقائع، فللمجتهد أن ينظر في واقعة صدر فيها حكم مجتهد من قبل، فإنما يريدون: حكم من قد يخطئون، ولا ينبهون من قبل الشارع لخطئهم، أما إذا حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في واقعة، فليس لمجتهد بعده أن يعيد النظر في أمثالها إلا من جهة التحقق من الأسباب والشروط التي وقع عليها قضاؤه، وهذا أمر جرى عليه علماء الإِسلام باتفاق، ودليله واضح لا تحوم عليه شبهة، قال ابن حزم في كتاب "الأحكام": "اتفق العلماء على أن القرآن، وما حكم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو قاله، أو فعله، أو أقره وقد علمه- مواضع لوجود أحكام النوازل".
* ماذا يترتب على الشخصيات الأربع؟
قال كاتب المقال:"هذه شخصيات أربع صارت إليه - صلى الله عليه وسلم - وأثراً من آثار تلك الهجرة الميمونة، وإنا لنلمح هذه الشخصيات في جميع ما أثر عنه، ودوِّن في الكتب، ومنه ما تظهر الشخصية التي صدر عنها دون أن يخالف فيه أحد، ومنه ما تخفى شخصيته خفاء تتفاوت الأنظار، وتختلف الآراء في تقديره".
ذكرنا سابقاً أن بعض الأصوليين نبهوا لهذه الجهات الأربع في تصرفه - عليه الصلاة والسلام - ونذكر هنا: أنهم أشاروا إلى أن من تصرفاته -عليه الصلاة والسلام - ما اتفق العلماء على الجهة التي يرجع إليها من الإمامة أو الفتوى أو القضاء، ومنه ما اختلفت فيه الآراء والأنظار.
قال الشهاب القرافي: "إن تصرفه - عليه الصلاة والسلام - ينقسم أربعة أقسام:
قسم اتفق العلماء على أنه تصرف بالإمامة؛ كالإقطاع، وإقامة الحدود،