للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كالاستقسام بالأزلام، والتشاؤم بكثير من الأشياء، وتعليق عظام الموتى على من يريدون وقايتهم من تعرض الأرواح الخبيثة.

وأما العادات المستهجنة، والأعمال المنكرة، فكطوافهم بالبيت عراة، ودسهم البنات في التراب وهن أحياء، وتعاطي الميسر والخمور، وارتكاب الفاحشة، وسفك الدماء بغير حق.

ولكن كان لهم مع هذا الجهل والضلال مزايا ومفاخر لا يستهان بها؛ كالكرم، والشجاعة، وإباء الضيم، والوفاء بالعهد، والطموح إلى العزة. وإذا أضفت إلى هذا بلاغة القول، وحسن البيان، بدا لك جانب من حكمة اختيار الله تعالى لأن يكون العرب أول من ينهض لنصرة هذا الدين العام، وإبلاغه إلى غيرهم من الأمم.

وفي هذه البيئة البعيدة من العلم والرشد ولد سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشب على أكمل خلق، وأقوم سبيل.

* نشأته - عليه الصلاة والسلام - وسيرته الطاهرة قبل البعثة:

سبق في مشيئة الله تعالى أن يكون رسوله إلى الناس كافة هو سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فتولاه منذ ولد برعايته، وجعل العصمة غدوته وروحته، فكانت صحيفة حياته منذ ولد إلى أن توفي متلألئة تلألؤ القمر الزاهر في سماء مصحية.

ولد - صلى الله عليه وسلم - في أشرف بيوت العرب نسباً، وأرفعها حسباً، وهو بيت هاشم ابن عبد مناف. وشبَّ على توحيد الله تعالى، والتحلي بمكارم الأخلاق؛ من نحو: العفاف، والأمانة، والصدق، وكبر الهمة، والصبر على الشدائد، والوفاء بالعهد. وقد وصفته خديجة- رضي الله عنها- حين رجع إليها يرجف