عليه، وأبى هو إلا المسجد. فلما دخل، دخل المهاجرون والأنصار، فبايعوه، ثم بايعه الناس" (١).
فمقصد الشارع من إقامة الخلافة على رضا أهل الحل والعقد قد تحقق في ولاية الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم -، وسواء بعد ذلك أن تبايع الخليفة الخاصة، ثم تبايعه العامة؛ كما وقع في ولاية الصديق، وعثمان بن عفان، أو يعهد له الخليفة، ويقع عهده موقع القبول، ويعزز بمبايعة أهل الحل والعقد بعد؛ كما وقع في ولاية الفاروق، أو يبايع مبايعة عامة في آن واحد؛ كما وقع في ولاية علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
* بحث في قوة الإرادة:
ولماذا لا يكون من المعقول أن توجد خلافة قائمة على اختيار أهل الحل والعقد، وهو أمر يرجع إلى قوة إرادة الأمة، ولقوة الإرادة في حياة الأمم وتمتعها بحقوقها تأثير بالغ وسلطان غالب؟.
مما يشهد به النظر وتؤيده التجربة: أن الأمة متى كانت على بصيرة من حق، وعرفت الطريق الهادي إليه، لم تنشب أن ينقلب تفكيرها فيه عزماً صارماً، وتقتحم كل عقبة تعترض في سبيلها، وإذا سمعت أمة تذكر غاية من العز، وهي لا تتقدم إليها بخطوات سريعة، أو سمعتها تبدي الأسف لحق انفلت من يدها، وهي لا تنشده بسعي متواصل، فاعلم أنها لا تزال في طور الأماني والآمال، ولم يبلغ إحساسها بتلك الغاية الشريفة أو ذلك الحق الضائع مبلغ الإرادة.