للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أغروا به سفهاءهم يسبونه، ويرمونه بالحجارة.

وكانوا - مع هذا - يوردون على الرسالة شبهاً؛ كقولهم فيما قصه الله عنهم: {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} [الفرقان: ٧] (١)، وقولهم: {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النحل: ١٠٣] (٢).

وما زال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلاقي أذاهم بالصبر، ويدفع شبههم بالحجة، ويأتيهم بالآيات البينات، وينبههم إلى ما في القرآن من إعجاز، إلى أن أراد الله تعالى إظهار دينه، وإعلاء كلمته، وإتمام نعمته على رسوله، فهيأ له أمر الهجرة إلى المدينة المنورة.

* حياتها بالمدينة:

لبث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة عشر سنين، يدعو إلى الإسلام، ويخرج إلى القبائل في المواسم، حتى جاء الموسم الذي أراد الله تعالى أن يكون بدء عهد جديد للدعوة، فخرج -صلوات الله عليه- لدعوة القبائل، شأنه في كل موسم، فلقى ستة من الخزرج، فدعاهم إلى الله، وعرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن، فأجابوه، وقبلوا ما عرضه عليهم، وانصرفوا إلى قومهم، ودعوا إلى الإسلام، وفي العام القابل وافى منهم اثنا عشر رجلاً، فلقوا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعقبة، وهي العقبة الأولى، فبايعوه على الإسلام، وبعث معهم مصعب بن عمير، وعمرو بن أم مكتوم، يعلمانهم القرآن، ويفقهانهم في


(١) رد الله عليهم هذه الشبهة بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ} [الفرقان: ٢٠].
(٢) رد الله عليهم هذه الشبهة بقوله تعالى: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: ١٠٣].