وممن زارنا وزرناه: العالم الشيخ السيد عبد الباقي المفتي المالكي، وقد جذبتنا طبيعة الاجتماع به إلى الخوض في أثر حياة الأمير عبد القادر -رحمه الله-؛ حيث كان هذا الفاضل من أصهاره، ومررنا في حديثنا على أن هذا الأمير قد ساعده القدر على أن توفر لديه من الشهرة بخصال كاملة ما عزّ أن يتفق لغيره من فضلاء عصره، فترى له كتائب ومجالس تنظمه في سلك العلماء، وسخاء يقف به في صف ذوي السماح، ومصانعة تنظر منها إلى مقدار غوصه في غامض السياسة، ومواقع يدخل منها إلى فضيلة الإقدام، وقريض يرفع في نوادي الأدب ذكراً، ونثرنا في هذا البساط جوهرة قوله في مقام الحماسة:
ومن عادة السادات بالجيش تحتمي ... وبي يحتمي جيشٌ وتحرس أبطالُ
ولوحظ في هذا: أنه وارد على خلاف النظامات الجارية في الحروب؛ فإن الرئيس لا يضع نفسه في موقع أمام الجيش؛ حذراً من أن تصيبه القاضية، فيختل النظام بعده، وينتشر في عظام قومه الفشل، ولكن ميدان الحماسة والفخر أوسع مجالاً من ميدان الحروب وتدابيرها.
* درس الأستاذ زين العابدين بن الحسين:
حضرت في اليوم الثامن والعشرين من رمضان لدرس ألقاه أخونا زين العابدين بن الحسين، ختم به دراسة كتاب "الأربعين النووية" بجامع "التوبة"، وحضر من الأساتذة: الشيخ عطاء الكسم، والشيخ يحيى القلعي، والشيخ محمود، وكان هؤلاء الأساتذة قائمين في العشرة الأخيرة من شهر الصوم بسنّة الاعتكاف في هذا الجامع، وقال لهم أحد الفضلاء في محاورة بعد الدرس: قد شغلناكم وأنتم عاكفون، فقلت له: يقول أبو بكر بن العربي: إن المذاكرة في