للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث يتضمن أمراً أو نهياً، حُمل أمره أو نهيه على أنه شريعة، سواء أكان الأمر أو النهي فيما يعقل فيه معنى التعبد، أم كان في الشؤون الاجتماعية، فإذا ورد حديث يتضمن النهي عن لباس أو زي، أو يتضمن النهي عن التشبه بقوم في زي أو عادة، إلى غير هذا من الشؤون الاجتماعية، عد هذا الأمر أو النهي في الأحكام الشرعية، ولا نبحث عن مصدر هذا الحكم: أهو الوحي، أم الاجتهاد؟.

وتصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - بصفة الإمامة لا يخرج عن أنه تصرف يرتبط بالشريعة، فإنه تصرف في شؤون أذن له الشارع في التصرف فيها على حسب المصلحة، فتصرفه مستند إلى إذن من الشارع، ومقيد بالمصلحة الملائمة لمقاصد الشارع في الإصلاح، وهو بعد هذا تحت رعاية منزل الوحي، فإن جاء التصرف على الوجه الأولى، أقره، وإن جاء على غير الوجه الأولى، نبهه لما هو الأولى. أما تصرفات الزعماء والقادة في الشؤون الاجتماعية، فإنما تستند إلى آراء بشرية بحتة، وكثيراً ما تخطئ في تقدير المصلحة، ويبقى خطؤها بلاء على الناس إلى أمد بعيد، فما كان لنا أن نسمي إمامة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زعامة، ونلحقها بقبيل زعامات لا تستضيء بحكمة الله، ولا تبالي في سياستها أن تقع فيما لا يوافق هداه.

* تصرفه بالفتوى:

قال كاتب المقال: "وهو بشخصية المفتي إما مجيب بلسان الوحي، فليس له اجتهاد في ذلك إلا في تطبيق النصوص على جزئيات الحوادث، وإما فقيه يجتهد ويقدر ويلاحظ أحوال السائلين، فيجيبهم بما يراه، كما يفعل سائر المجتهدين، وبالطرق التي يأتيها الناس في استنباط المجهولات، وقد علم له