التصرف حتى زاد عليها شيئاً من عنده، وهو قوله:"والهند، وغيرهم من الأمم المجاورة لهم".
إذاً منهج (ديكارت) لم يكن كمنطق (أرسطو) يحتم على الباحث أن يراعي المقدمات، ويفصل النتيجة على قدرها، بل يبيح له أن يقيم قنطاراً من النتائج على مثقال من المقدمات.
* المؤلف وعد وأخلف:
قال المؤلف في (ص ٢٣): "وإذا كانوا أصحاب علم ودين، وأصحاب ثروة وقوة وبأس، وأصحاب سياسة متصلة بالسياسة العامة، متأثرة بها، مؤثرة فيها، فما أخلقهم أن يكونوا أمة متحضرة راقية، لا أمة جاهلة همجية! ".
قد عرفت أن المؤلف لم يزد في هذا الفصل على أن امتشق مقالة الجاحظ في دلالة القرآن على رجاحة أحلام العرب ودهائهم، وقوتهم في الجدل، وتحدث عن دينهم، فلم يزد على ما يعرفه كل أحد من أن في العرب وقت نزول الوحي أدياناً مختلفة. ولم يأت في الاستشهاد على أنهم أصحاب سياسة تتصل بالسياسة العامة إلا بآيتين، مع ما يضاف إليهما من بيان أسباب النزول:
أولاهما: تدل على أن حرباً وقعت بين الروم والفرس بمقربة من بلاد العرب، ولم يلبث نبأ هذه الحرب أن وقع إلى قريش. وأنت تكاد تثق بأن الجماعات النازلة في أواسط إفريقية قد بلغها نبأ الحرب الناشبة بين إيطاليا وطرابلس الغرب، ولم يخف عليها أيضاً نبأ الحرب القائمة بين الريفيين وأسبانيا، بَلْهَ الحربَ التي كانت تشتعل بين دول شتى. ويعلمون أن إيطاليا منساقة بمطامع الاستعمار، وأن الريفيين يريدون خلع ربقة الاستعباد من