البلاد؟ وهذه السيرة نفسها تحدثنا بأنهم تجاوزوا الحيرة إلى بلاد الفرس، وبأنهم تجاوزوا الشام وفلسطين إلى مصر، فلم يكونوا إذن معتزلين، ولم يكونوا إذن بنجوة من تأثير الفرس والروم، والحبش والهند، وغيرهم من الأمم المجاورة لهم".
عنوان الفصل الذي يخوض فيه المؤلف: "مرآة الحياة الجاهلية يجب أن تلتمس في القرآن"، وقد ذهب فيه إلى أنه اطلع في القرآن على أن العرب قبل الإسلام كانوا على دين، وكانت فيهم طبقة ذات ثروة وجاه، وذكاء وعلم، أو طبقة كان النبي - عليه الصلاة والسلام - يجادلهم ويجاهدهم، ثم ادّعى أن الذين يدرسون الحياة العربية في هذا الشعر الجاهلي يعتقدون أن العرب قبل الإسلام كانوا أمة معتزلة عن العالم الخارجي، وادّعى أن القرآن يعطي صورة ستدهشهم، وهي أن العرب كانوا على اتصال قوي بمن حولهم من الأمم، وأورد في بيان مأخذ هذه الصورة آية {الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم: ١، ٢]، وآية {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ}[قريش: ١].
فإذا كان موضوع الفصل "مرآة الحياة الجاهلية تلتمس في القرآن"، وكان موضوع البحث الأخير أن القرآن يعطي صورة يدهش لها الذين يعتقدون أن العرب كانت أمة معتزلة، فما وجه الاستدلال بما في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي ليست بقرآن؟ ثم لماذا يذكر في نتيجة البحث: أن العرب لم يكونوا بنجوة من تأثير الهند، ولم يأت ذكر للهند فيما استشهد به من القرآن أو السيرة، أو أقوال المفسرين؟.
عجز المؤلف عن انتزل هذه الصورة المدهشة من القرآن وحده، فأضاف إليها نبذة من السيرة، وأخرى من أقوال المفسرين، ولم يكفه هذا