إن في القرآن لآية كبرى، ومعجزة خالدة. وهو المَطْلَعُ الذي تتجلّى فيه روح الشريعة بأكمل معنى، وتستقر فيه حقائقها بأبدع نظام. وهذه المزايا السامية تقتضي من حكمة الذي أوحى به أن حفّه بعنايته، وضرب عليه بسور من حفظه، حتى لا يجد الزنادقة وأصحاب الأهواء والمتخبطون في ليل الجهالة منفذاً لأن يسوموا أصول الشريعة بتحريف، أو يمسوها بما يثير شبهة، أو يجر إلى ريبة، قال تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: ٩].
ولم يجد السفهاء من الناس طريقاً يمكنهم من طعن الإسلام في لبه، فمدوا أيديهم إلى الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يختلقون مزاعم سخيفة، ويلفقون صوراً من الباطل، ووضعوها بجانب حقائق الدين؛ فكانت هذه الأحاديث الموضوعة كالأقذاء، تتهافت حول الزجاجة الغراء.
تسرب الوضع في الأحاديث النبوية من وجوه شتى، وصدر عن أغراض مختلفة. ومن هذه الوجوه: أن في أعداء الإسلام من أدركوا أنه شريعة محكمة، ودين قيم، ولم يجدوا في مبادئه وتعاليمه ما تتجافى عنه الفطرة السليمة، أو ينبو عنه النظر الصحيح. وكانوا قد خرجوا في زي المسلمين، واندمجوا في جماعتهم، فصنعوا أحاديث يناقضها المحسوس، أو يصادمها المعقول، أو تشهد أذواق الحكماء بسخافتها، وإنما ينصبون بذلك المكيدة لضعفاء الأحلام