دولة ذات عصبية جاهلية لو بسطت يدها على أمم أكثر من قبيلتها عدداً، وليست أقل منها علماً وخلقاً.
للعصبية أثر في سقوط دولة بني أمية، وكبر سبب في سقوطها ذلك الحزب الذي يرى أن بني هاشم أحق بالخلافة، وأخذ يبدو تارة، ويحتجب تارة أخرى، حتى وقعت الدولة في ترف، وفقدت الرجال القوامين على الحروب، وبعدت عن خطة الخلافة الرشيدة، فنهض هذا الحزب، وسرعان ما جمع حوله شعوباً وقبائل تنقم على تلك الدولة خلل سياستها، فافتكّ منها الخلافة، ووضعها في أيدي بني العباس.
فدولة بني أمية -على ما كان فيها من عصبية أو هوى- قد خدمت الإسلام بفتوحات واسعة، وكان لكثير من رجالها مآثر عمرانية فاخرة، ولا تنس أن من رجال تلك الدولة من يبرأ من العصبية، ولم يأت في سياسته على ناحيتها؛ كعمر بن عبد العزيز، ومنهم من كان يغمرها بالهمم الكبيرة، والقيام على كثير من المصالح العامة؛ كالوليد بن عبد الملك.
فنسبة سقوط دولة بني أمية إلى العصبية وحدها، من نوع المبالغة التي لا تقبلها المباحث العلمية، ودعوى أن العرب وقعت بعد عمر بن الخطاب في أشد مما كانوا عليه في جاهليتهم، لا تصدر إلا ممن يريد إذاية هذه الأمة الكريمة، وجحود ما كان لها من مزية وفضل، حتى على هذه الدول الغربية التي يود المؤلف أن يكون له لسان آخر وقلم ثان يصرفهما في سبيل الدعوة إلى ما ينفعها.
* رواية الشعر الجاهلي:
قال المؤلف في (ص ٦٥): "وقد أرادت الظروف أن يضيع الشعر