من صفحات الجهاد الإسلامي التي خطها الإمام، وأضافها إلى سجله المشرق في مقارعة الاستعمار الفرنسي: دعوته لتنظيم جاليات المغرب العربي المقيمة في القاهرة في جبهة واحدة متراصة، غايتها الدفاع عن شعوب شمال أفريقيا: تونس، والجزائر، والمغرب، وليبيا (١).
نظر الإمام محمد الخضر حسين إلى حال دول شمال أفريقيا، وما آلت إليه الأمور على يد المستعمر الفرنسي من محاربة شرسة عنيفة للغة القرآن، ونشر ويلات الجهل والفقر، و (فَرْنَسة) المعاهد العلمية والمؤسسات الحكومية،
(١) يقول الأستاذ أنور الجندي في كتابه "الفكر والثقافة المعاصرة في الشمال الأفريقي": "ولا شك أن محمد الخضر حسين كان علماً من أعلام الفكر المغربي الإسلامي، مكافحاً وطنياً، ومغترباً في سبيل الحفاظ على حرية الكلمة، وأقام -كابن خلدون- بقية عمره في مصر، وررقي فيها إلى أعلى المناصب، وعمل في ميدان الإصلاح الإسلامي واللغوي، وعمل في التدريس والصحافة والكفاح الوطني، ولقد أتيح له أن يقاوم حركات التغريب بدعوته إلى إنشاء (جمعية الشبان المسلمين). وكانت مجلته وقلمه من ألسنة الدفاع عن المغرب العربي وقضاياه، ورسولًا قويا يستصرخ المشارقة حين يكشف لهم عن مؤامرات الاستعمار، ويدعوهم إلى مقاومة التغريب والتجنيس والفرنسة، فهو منذ أقام في مصر بعد الحرب العالمية الأولى يحمل هذه الرسالة، ويعمل في كل هذه الميادين: الإسلام، واللغة، والكفاح السياسي".