للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحالة السياسية في تونس محاولة إدماج التونسيين في الجنسية الفرنسية (١)

أخذت الأمة التونسية منذ عهد بعيد تنهض من خمولها، وتجعل المعارف والنظام سلّماً لرقيها، وما برحت تسير في سبيل الحياة الزاهرة، وتسابق الأمم الراقية في ميدان الحضارة والآداب بخطا واسعة -ولاسيما يوم تقلّد إمارتها أحمد باشا- حتى عمدت إليها فرنسا مخترعة لبوس الحرية! ووضعت عليها سلطة تسمّى في لغة الاستعمار: بالحماية.

وليس الغرض من هذا المقال التعرض لهذه الحماية من الوجه الذي ينظر إليه جهابذة السياسة وأساتذة حقوق الأمم؛ ليحكموا عليها بأنها وليدة عقد مشروع، أو أنها بنت القهر والحرص على استرقاق النفوس الحرة، والاستئثار بما يسَّر الله لها من مرافق الحياة، وليس الغرض أيضاً الدخول في تفاصيل ما تمطره على رؤوس الوطنيين من فنون الإرهاق، وضروب الاستعباد، وإنما نرمي بالبحث فيه إلى حلقة من سلسة آثار تلك الحماية المنكرة؛ حتى


(١) جريدة "السياسة" القا هرية، لسان حال الأحرار الدستوريين - رئيس التحرير المسؤول الدكتور محمد حسين هيكل - العدد ٣٩٣ الصادر في ٢٥ جمادى الآخرَة سنة ١٣٤٢ هـ الموافق ٣١ يناير ١٩٢٤ م.
هذا المقال للإمام محمد الخضر حسين، في مقدمة ما كتبه من مقالات للدفاع عن تونس وجهاده الشاق الطويل في السعي لاستقلالها.