أخبار رجالهم، لا يستطيع قريش أن يخلقوا رجلاً غير شاعر، وينحلوه شعراً لم يقله؛ إذ لا بدّ أن يكون هذا الشعر المنتحل معزوًا إلى رجال عرفوا بنظم الشعر؛ كعبد الله بن الزبعرى، وأبي عزة الجمحي، ونحوهما، والأشعار التي تنسب إلى من له شعر متداول يسهل على الحاذق في صناعة نقد الشعر تمييز حقها من مصنوعها، ثم إن ابن سلام نفسه يكاد يجعل ما انتحلته قريش في معنى مباراة الأنصار وحسان، فقد قال في "الطبقات"(١): "وقريش تزيد في أشعارها تريد بذلك الأنصار، والرد على حسان".
وإذا كان المنتحل من شعر قربش يعود بجملته أو بمعظمه إلى مفاخرة الأنصار ومهاجاتهم، فإن ابن هشام قد نبَّه في "السيرة" على قسم كبير منه، ويحكي أن أهل العلم بنقد الشعر أنكروه، ووصفوه بالاصطناع. وإذا ثبت أن العلماء بنقد الشعر قد وضعوا شعر قريش تحت أنظارهم، وقلبوا فيه أذواقهم، وقاسوه بما عرفوا من أسلوب الشاعر، وما يناسب حال بلاغته، فالذي يغلب على الظن أن الباقي من شعر قريش بعد المطروح في "سيرة ابن هشام" وغيرها من كتب الأدب هو شعر ثابت النسبة إلى من يعزى إليهم، ونستمر على هذا الظن حتى يعمد المؤلف أو غيره إلى شعر بعينه، وينفيه عن صاحبه ببينة.
* رواية ابن إسحق:
حكى المؤلف ما يراه ابن سلام من أن الرواة المصححين لم يحفظوا لطرفة بن العبد، وعبيد بن الأبرص إلا قصائد بقدر عشر، وأنه حُمل عليهما شعر كثير.