كان موضوع المحاضرة: الدعوة إلى حزب الائتلافيين، ونكث اليد من حزب الاتحاديين، وقد تذكرت في هذا المقام قول معروف الرصافي:
فهم كالبحر يعطب راكبوه ... ويسلم منه من لزم الضفافا
ولكنه أتى فيها على تفاصيل، وضرب لها أمثالاً من التاريخ، فأنبأتْ بسعة اطلاعه في الأحوال الداخلة والخارجة.
* مفتي بيروت الشيخ مصطفى نجا:
زارني إلى قصر البحر فضيلة العالم الشيخ السيد مصطفى نجا المفتي ببيروت، يصاحبه بعض أهل العلم، ودارت في هذا المجتمع مسائل جرنا إليها سؤال بعض الحاضرين من ذوي التجارة، منها: حكم التعاقد مع شركة تأمين البضائع، فصرح الشيخ المفتي بأن الشريعة الإسلامية لا تبيح الدخول في هذه العقدة؛ إذ لا شبهة أنها من قِبل أكل أموال الناس بالباطل، فقد لا يطرأ على البضاعة تلف، فيكون المال الذي يدفعه صاحبها قد ضاع عنه بغير عوض، وإذا وقعت في متلفة، يكون قد أخذ قدراً من المال عن غير مقابل، وهذا هو الغَرر البين، والربا الفاحش الذي حرمته الشريعة تحريماً مغلظاً.
وقصّ علينا الشيخ المفتي نبذة من وقائع قصد بعض الرجال أن يخرقوا بها سياج المروءة والدين، فقام الشيخ إلى من بيده الأمر، وخاطبه خطاب الرجل الغيور، فكان لحمايته عن حرم المروءة والإنسانية فائدة وتأثير.
وذكرت لهم بمناسبة ما قص الشيخ المفتي: أن علي باشا أحد الأمراء بتونس، كان يستدعي إلى مجلسه أعيان العلماء، وفي زمرتهم الشيخ حمودة الريكلي أحد علماء ذلك العصر، فقال لهم الباشا يوماً: إني أكرم مثوى العلماء، وأرفع مقامهم أن يسوم حقوقهم خسف، كما كان يلحقهم فيما