للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقهاء تونس (١)

ألقيت نظرة على تاريخ الفقه في تونس، واستخلصت منه هذا الحديث: وإذا تحدثت عن فقهاء تونس، فلا أتحدث عمَّن يحفظ أقوال أهل العلم ويلقيها في الدرس، أو يجمعها في كتاب على نحو ما حفظها، وإنما أتحدث عمَّن درس أحكام الشريعة، وعرف وجه ارتباطها بأصولها، وإذا تجددت حادثة، استطاع أن يرجع إلى دلائل الشريعة، ويستنبط لها حكماً ينطبق عليها.

أخذ الفقه الإسلامي يدخل البلاد التونسية منذ ابتداء فتحها في عهد معاوية بن أبي سفيان؛ فقد توارد عليها أيام الفتح جماعات من الصحابة والتابعين والمتفقهين في الدين؛ مثل: عبد الله بن الزبير، وعقبة بن نافع، وينبئنا التاريخ: أن الفقه كان في عهد عمر بن عبد العزيز يتلقى في تونس على طريق الدراسة والتعليم، فإن هذا الخليفة ندب عشرة من أعيان التابعين، وبعث بهم إلى أفريقية ليعلموا البربر واجبات الدين وأحكامه، ومن بين هؤلاء الأعيان: عبد الرحمن بن رافع التنوخي، وهو أول من ولي القضاء بالقيروان، وكانت مدينة القيروان يومئذ مقر الإمارة، فأصبح جامعها الذي أسسه الفاتحون


(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الأول والثاني من المجلد السادس عشر الصادران في رجب وشعبان ١٣٦٢.