قال المؤلف في (ص ١٨٠): "ونحن لم نقصد في هذا الكتاب إلى أن ندرس الشعراء، ولا إلى أن نحلل شعرهم، وإنما قصدنا إلى أن نبسط رأينا في طريقة درس هذا الشعر الجاهلي، وهؤلاء الشعراء الجاهليين. وقد بلغنا من ذلك ما كنا نريد".
الطريقة التي سنها المؤلف لدرس الشعر الجاهلي وهؤلاء الشعراء الجاهليين، ليست بالتي تضع في شرطها عليك أن تكون ألمعية، ولا بالتي تدعوك إلى رعاية قانون البحث، أو نظام الفكر، وقصارى ما تأخذ عليك في عهدها: أن تنظر إلى ما في نفسك من حاجة أو عاطفة، ثم تطلق لقلمك أن تقول في هذا الشعر وهؤلاء الشعراء ما يقضي هذه الحاجة، أو يرضي هذه العاطفة.
وإن شئت أن تكون مشابهاً للمؤلف في سيرته مشابهةَ الغراب للغراب، فصوّر في فاتحة بحثك طائفة ستلقى ما تكتبه ساخطة عليه، وأخرى بجانبها ستزْوَرّ عنه ازوراراً، وسِّم الطائفتين: أنصار القديم، ثم اقبض من هذه الأمة الكثيرة قبضة، ولو صغيرة، وأفضْ عليها بقدر ما يسعك البيان مدحاً وإطراء، وقلْ للقراء: هؤلاء أنصار الجديد، وسيرضون عن هذا الكتاب، فعلى غيرهم