فيه ما يشتبه على الأنظار، ولا يصح الاععقاد بظاهره، فورود الآيات المتشابهات في أثناء المحكمات، إنما يكون لحكم غامضة لا تخطر في عقول البشر.
والعلماء الذين بسطوا شيئاً من تفاصيلها؛ كالفخر الرازي، إنما اهتدوا إلى البحث فيها بعد أن اطلعوا على المتشابه، واعتقدوا بأنه لا يأتي في كلام الله إلا لأسرار بديعة، ولو لم ترد هذه النصوص المتشابهة، لما خطر على عقولهم تلك الحكم المقتضية لاندماجها في سلك المحكمات.
وقد قرروا في جملة هذه الحكم: أن من مقاصد الإسلام: الإذن للعقول أن تسرح في النظر، وتنبسط في الاعتبار، فكان من وسائل هذا: أن وردت في الشريعة أقوال لا يفهم المراد منها لأول سماعها، حتى يضطر السامع لعمل البحث، وإجالة الفكر في الوصول إلى ما يراد منها، وفي هذا تمرين للعقول على النظر والاتساع في الفكر، وإذا تعودت العقول بطبيعة التفكر والنظر، عافت الجمود، واستقذرت التقليد في معتقداتها.
وجرى في هذا المجلس حديث:"كما تكونون يولّى عليكم" فسقنا على هذا: أن أبا بكر الطرطوشي قال: بلغني هذا الحديث، فأخذت أفحص عنه من جهة السند، فمر علي وأنا أتلو قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا}[الأنعام: ١٢٩] الآية. فاكتفيت بها عن الحديث. وهذا الحديث ذكره السيوطي في "الفتاوى الحديثية"، وقال: رواه ابن جميع في "معجمه"، وذكر ابن الأنباري في بعض كتبه: أن الرواية: "تكونوا" بحذف النون، وتكلم هنالك على وجه إعرابه.
* زيارة القبور:
ومن عوائد الشام: أنك ترى زائرات القبور يوم العيد يحملن غصوناً